+
----
-
تتميز مدينة طنجة بكونها نقطة إلتقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة و بين القارة الأوروبية و القارى الإفريقة من جهة أخرى هذه الوضعية الإستراتيجية الهامة مكنتها من الإستئثار بالهتمام الإنسان ، و جعلت منها محطة اتصال و عبور و تبادل الحضارات منذ آلف السنين مما تشهد عليه المواقع و البقايا الأثرية المتواجدة بمدينة طنجة و منطقتها المنتمية إلى حضارات ما قبل التريخ و حضارات الفنيقيين و البونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقة باسم
(( تنجيس )) زوجة انتي ابن بوسايدون ( إله البحر ) و ( غايا ) التي ترمز للأرض .
ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت مدينة طنجة تتمتع بحق المواطنة الرومانية بل من المحتمل جدا أن روما جعلت من مدينة طنجة عاصمة لموريتانيا الطنجية الغربية لروما بشمال إفريقية .
بعد فترة من السبات استعادت مدينة طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلمية لغزو الأندلس على يد طارق بن زياد سنة 711 م ثم من طجرف المرابطين و الموحدين الذين جعلوا من مدينة طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم و حملاتهم .
بعد ذلك تتالت على مدينة طنجة فترات الإحتلال الإسباني و البرتغالي و الأنجليزي منذ سنة 1471 / إلى 1984 م و التي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار و الأبراج و الكنائس .
لكن تبقى أهم مرحلة تقافية و عمرانية مميزة في تاريخ مدينة طنجة الوسيط و الحديث هي فترة السلاطين العلويين حصوصا المولى إسماعيل و سيدي محمد بن عبد الله .
فبعد استرجاع مدينة طنجة من يد الإحتلال الإنجليزي سنة 1684 م في عهد السلطان المولى إسماعيل استعادت دورها العسكري و الدبلوماسي و التجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط و بالتالي عرفت تدفق عمرانيا ضخما ، فشيدت الأسوار و الحصون و الأبواب و أزدهرت الحياة الدينية و الإجتماعية فبنيت المساجد و القصور و النافورات و الحمامات و الأسواق ، كما بنيت الكنائس و القنصليات و المنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب حتى أصبحت مدينة طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830 م كانت تتمتع بها .
أسوار المدينة القديمة :
تمتد اسوار المدينة القديمة بطنجة على طول 2200 م مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة :
القصبة ــ دار البارود ــ جنان قبطان ــ وادي أهردان ــ و بني إيدر .
بنيت أسوار المدينة على عدة مراحل و التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار عدة أشغال للمدينة الرومانية
تنجيس تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية 1471 م 1661 م إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم و إعادة البناء و التحصين في القرن 18 م حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج :
برج النعام ــ برج عامر ــ برج دار الدباغ ــ برج السلام ــ
كما فتحوا بها 13 باب منها :
باب القصبة ــ باب مرشان ــ باب حاحا ــ باب البحر ــ باب العسة ــ باب الراحة ــ باب المرسى ــ
قصبة غيلان :
تقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق على الطريق المؤدية إلى (( ملاباطا )) شرق المدينة العتيقة تم بناؤها حوالي 1664 م و يرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الإستعمار الأنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662 م 1684 م .
تتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم عبارة عن سورين رباعي الإضلاع محصنيين ببرجين نصف دائريين و بارزين تتوسطهما باب عمرانية ضخمة .
قصر القصبة أو دار المخرن تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم .
بني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل من طرف الباشا علي أحمد الريفي على أنقاض القلعة الأنجليزية uper castel و هو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية :
الدار الكبيرة ــ بيت المال ــ الجامه ــ المشور ــ السجون ــ دار الماعز ــ و الرياض .
في سنة 1938 تحولت البناية إلى متحف اثنوغرافية و أركيولوجي لمدينة طنجة و منطقتها .
الجامع الكبير :
على مقربة من سوق الداخل الجامع الكبير تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الإستعمار البرتغالي بعد استرجاعه في سنة 1684 م عرف أعمال ترميم و توسيع خلال الفترة العلوية تتميز هذه المعلمة ببهائها و غنى زخارفها حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء و زليج و صباغة و نقش و نحث و كتابة على الخشب و الجبس ، و يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة مع حائط القبلة و صحن محاط من كل جانب برواقين و بذلك فهو يعتبر نمودجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها .
جامع الجديدة :
يعرف كذلك باسم جامع عيساوة و أحيانا بمسجد النخيل ، يقع أما الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء يتميز المسجد بمنارة ذات الزخارف الفسيفساء .
السفارة الأمريكية :
تعتبر هذه البناية أول مؤسسة أصبحت في ملكية الولايات المتحدة الأمريكية خارج أمريكا بعد أن أهداها السلطان مولاي سليمان الأول سنة 1821 م فبعد أن استعملت كسفارة أمريكية بالمغرب لمدة 135 سنة تم إخلاؤها لفترة حتى حدود سنة 1976 م حيث اصبحت متحفا للفن المعاصر تحتوي البناية على فناء وسط يذكر بنمودج العمارة الإسبانية الوريسكية تحيط به مجموعات من القاعات المخصصة لعرض مجموعة من اللوحات الفنية التي انجزت في الغرب .
كما توجد بها خزانة عامة للكتب الأنجليزية و خزانة متخصصة في تاريخ المغرب العربي و قاعات أخرى للدراسة و البحث بالإضافة إلى أنهاى تعتبر فضاء مناسبا لاحتضان مجموعة من الأنشطة الثقافية و الموسيقية بالمدينة .
الكنسية الإسبانية :
بعد أن قضت البناية فترة في ملكية اسرتين يهوديتين اشتراها السلطان سيدي محمد بن عبد الله ثم أهداها للحكومة السويسرية لتؤسس بها أول قنصلية لها سنة 1788م و في 1871 م استغلها الحاكم الإسباني ليجعل منها إقامة للبعثة الكاثوليكية فبني بها كنيسة كبيرة سماها ( لابوريسيما) على السيدة مريم أم المسيح لكن منذ حوالي ثلاثين سنة و لأنه لم يعد يتردد المسحيون على الكنيسة بكثرة أصبحت المؤسسة تعنى بأنشطة اجتماعية مختلفة أما حاليا فلم يبقى من البناية سوى الجزء العلوي من السلم الرئيسي .